وزير الأوقاف في خطبة الجمعة بالمحلة الكبرى : الأمن على النفس شرط لوجوب الحج
وزير الأوقاف في خطبة الجمعة بمسجد “آل شامي” بالمحلة الكبرى بمحافظة الغربية:
الأمن على النفس شرط لوجوب الحج
الأصل في حرم الله الآمن التمكين وكل هذه الأدواء من الجوائح والأوبئة إلى زوال
ويؤكد :
من تصدق بقيمة حج النافلة فله الأجر مرتين والله يضاعف لمن يشاء
ويؤكد أيضًا :
علينا مراعاة الضوابط الشرعية والصحية والبيطرية والبيئية عند الشروع في الأضحية.
صك الأضحية وسيلة آمنة تصل للفقراء والمحتاجين في كل مكان بعزة وأمانة.
والمؤمن الحقيقي يلبي بالروح والعقل والقلب والجسد والكيان كله
*************************************************
في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري والتثقيفي ، ومحاربة الأفكار المتطرفة ، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة ، ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم الجمعة 18/ 5/ 2021م خطبة الجمعة بمسجد “آل شامي” بالمحلة الكبرى بمحافظة الغربية ، بحضور السيد الدكتور/ طارق رحمي محافظ الغربية ، وسماحة الشيخ/ عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية ورئيس لجنة التضامن والأسرة بمجلس النواب، والمستشار / عبد الحميد همام رئيس محكمة استئناف القاهرة ، والسيد اللواء / طارق حسونة مساعد وزير الداخلية لوسط الدلتا ، والمهندس/ محمود الشامي رئيس مجلس إدارة مسجد آل الشامي ، والدكتور/ نوح العيسوي رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير، والشيخ/ سيد عبد المجيد مدير مديرية أوقاف الغربية ، وعدد من السادة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بمحافظة الغربية ، وعدد من القيادات الأمنية والشعبية بالمحافظة ، وبمراعاة الضوابط الاحترازية والإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي.
وفي خطبته أكد معاليه أن الأصل في حرم الله الآمن التمكين ، وكل هذه الأدواء من الخوف والجوائح والغوائل والأوبئة إلى زوال ، يقول سبحانه : “لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ” ، أي لا تخافون عدوًا ولا غائلة ولا وباء ولا جائحة ، بفضل من مكن لحرمه ، ويقول سبحانه : “أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ” ، داعيًا الله سبحانه أن يفرج الكرب وأن يرفع الوباء والبلاء ، وأن يأتي علينا العام المقبل وقد رفع الله (عز وجل) عنا الوباء والبلاء
يا خالق الخلق فَرّج كربة الحَرَم
البعد عزّ على العربان والعجم
كما أكد معاليه في خطبته على عدد من النقاط :
النقطة الأولى : أن الأمن على النفس شرط لوجوب الحج، ففي تفسير قوله تعالى : ” وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا” وقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “وحِجُّ الْبَيْتِ لمن اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا” ، وقد ذكر العلماء للاستطاعة ثلاثة جوانب :
الجانب الأول : الاستطاعة البدنية : فإن فرائض الله (عز وجل) على عباده يشترط لها الاستطاعة البدنية.
الجانب الثاني : الاستطاعة المالية.
الجانب الثالث : الأمن على النفس من الهلاك أو التعرض له ، وهو ما عبر عنه فقهاؤنا القدامى بأمن الطريق من اللصوص وقطاع الطرق ومواسم السيول ونحو ذلك ، فإذا كان الخطر مظنونًا مع توقع قطع الطريق فإنه مترجح طبيًّا حال انتشار الأوبئة ، وهو ما يجعلنا نؤكد أن القرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية بشأن الحج قرار صائب وحكيم ويتسق مع فهم صحيح الدين ، وموافق لصحيح الشرع.
النقطة الثانية : أن من نوى حج الفريضة فمات قبل أن يحج فهو بنيته ، وكذلك من حبسه العذر عن أدائها فلا إثم ولا حرج عليه بل إن الله (عز وجل) يثيبه بصادق نيته ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “مَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كُتِبَتْ له حَسَنَةً، ومَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَعَمِلَها، كُتِبَتْ له عَشْرًا إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ”.
النقطة الثالثة : أن قضاء حوائج الناس على المطلق حتى في غير وقت الحوائج أولى من تكرار الحج والعمرة فما بالكم بذلك في زمن الجوائح والشدائد ، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : “”يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ، فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَوْ قُلْتَهَا لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا وَلَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا، الْحَجُّ مَرَّةً فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ” والتطوع يرتبط بأحوال الأمم وظروف الناس ويسار الدول وظروفها الاقتصادية ، فمن كان قد نوى حج النافلة فتصدق بقيمة ما كان قد نوى الحج به فله الأجر مرتين، الأول: بنيته، والثاني: بصدقته، والله يضاعف لمن يشاء.
كما أوضح معاليه أن من فضل الله على خلقه ورحمته بهم أن جعل أبواب الخير واسعة بلا حدود ، فالتكبير صدقة ، والتحميد صدقة والتهليل صدقة ، وإرشاد الضال صدقة ، وأن تبصر للأعمى صدقة ، وأن تسمع الأصم صدقة ، وأن تكف الأذى عن الطريق صدقة ، وأن تكف الأذى عن الناس صدقة ، كما أوضح معاليه أن مما يفعله الحجيج سوق الهدي ، وقد جعل الله لغير الحجيج بديلًا ؛ وهو الأضحية ، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : “ضحوا فإنها سنة أبيكم إبراهيم” ، والأضحية لها فضل عظيم ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا” ، وذلك مع مراعاة الضوابط الشرعية ، والصحية، والبيطرية ، والبيئية ، وعلينا أن نعلم أن طاعة الله لا تنال بمعصيته ، فلا نؤذي جيراننا والناس بمخلفات الأضحية ، وأن نذبح في الأماكن المخصصة للذبح ، فإن تعذر ذلك ففي صك الأضحية وسيلة آمنة لمن لا يستطيع أن يحقق هذه الضوابط ، بل حتى لو استطعت أن تضحي بنفسك ، فيمكنك أن تجمع بين الحسنيين ؛ فيذهب الصك للفقراء والمحتاجين في كل مكان بعزة وأمانة، كما أشار معاليه إلى أن من أهم مشاعر الحجيج التلبية ، وهي أمر قلبي لا أن يكون لفظيًا فقط، والمؤمن الحقيقي يلبي بالروح والعقل والقلب والجسد والكيان كله ، فالتلبية الحقيقية تكون بالقلب ولا تقتصر على زمان أو مكان ، يقول المؤمن لبيك اللهم لبيك ، أي إجابة بعد إجابة ، لبيك طاعة لا عصيانًا لبيك اللهم لبيك تقولها في البر والبحر والسهل والجبل والبدو والحضر والحل والحرم ، سائلًا الله العلي العظيم أن يعجل برفع البلاء والوباء عن مصرنا وسائر بلاد العالمين وعن البشرية جمعاء.